مقدمة:
يقصد بـ "العلوة" جغرافيا منطقة الشاوية العليا التي تتوسط أرض
المملكة المغربية، وهي تابعة إداريا لجهة الدار البيضاء/ سطات، إقليم سطات، وهي
معروفة أيضا بدائرة امزاب الكبرى.
وتضم "العلوة" فضلا عن مدينة
ابن أحمد، كبرى حواضرها، سيدي حجاج ورأس العين وثلاثاء الأولاد.
روحيا:
لهذه البقعة المباركة من أرض المغرب الأقصى تاريخ تليد ورصيد ثقافي ونضالي
يعد بحق كنزا مازال الكثير منه مخفيا ويحتاج كثيرا من التنقيب والتثمين.
وتتميز العلوة بظاهرة تسترعي الانتباه ألا وهي وجود عدد هائل من أضرحة لصلحاء
وأولياء كثر ، هم في الأصل ثمار طيبة الزاوية
الشرقاوية في مدينة أبي الجعد. ولهذا السبب لقبت بأرض الصالحين.
قصيدة العلوة
وقد ناب الشعر الشعبي عن المؤرخين في تخليد تاريخ العلوة، وبطريقة فنية ضمت
لاسمها الخلود ولميزاتها الانتشار بطريقة سلسلة ومحببة لدى الجمهور: الشعر المغنى.
وتعد قصيدة العلوة ملكا تراثيا مشاعا بين أهل المنطقة خصوصا وللمغاربة عامة
بفعل انتشارها في زمن الكاسيط وعبر المذياع، حتى صار يحفظها ويرددها الجبلي
والغرباوي والأمازيغي بكل طلاقة.
ولا يعرف لقصيدة العلوة شاعر بعينه، وقد تنافس الفنانون منذ عقود على
أدائها، كل بطريقته، غير أنها ارتبطت خلال العقود الأخيرة باسم وأسلوب الراحل
الفنان الكبير أحمد ولد قدور الذي غناها منفردا عبر آلة لوتار وأبدع فيها لحنا
وأداء بصوته ذي اللكنة الشاوية الأصيلة التي حملت لمسامع المغاربة روح العلوة
ورائحة التراب وطيبة الزرع والناس..وغير قليل من روحانية المتصوفة.
نص القصيدة:
يالعالي شي ما خفيك
كلشي بين يديك
يا الغادي للعلوة
تعالى نوصيك بعدا
إلى لحقتي سلم
وفي العلوة لا تتكلم
العلوة وماليها
والصلاح لي فيها
العلوة قاع السيوف
العلوة فين ماليك
شكون باقى حاضيك
العالي عينو عليك
سيدي حجاج
وانتا بويا حجاج
السفينة ما تعواج
اجعل لي الفرج
سيدي اسماعيل
يا مول الحوض الزين
صاحب المساكين
الكحيلة بنت الحرار
جدك فردي مختار
تريكة بن عمار
تليت في الكلام
مع مول الصمصام
سيدي بلقاسم
كثير الخدام
لي زارك مايضام
سيد الشافي
مول البحر الصافي
انت في ضرب كتافي
سيدي الختير
الرعدة والبرق يشير
فتق لي تدبير
سيدي محمد الفكاك
والركوبة لتماك
الثالث بوزيان
انت سرك في البيان
وبويا محمد
يا لي زارك ما ينكد
بويا الجيلالي
لعلامات تشالي
سيد التاغي
الطلبة فيك تلاغي
سيد البطاح
جيتك تداوي لجراح
انت مول التوتة
خيلك منعوته
لعيون تجري من الحجر
انت مولى جعران
مطوع الحران
حمو البهلول
تريكة الرسول
كلامك كلو معقول
إلى بغيت تزيان
اقصد مول الديوان
لا تبقاشي نكدان
كل غريب يرجع لبلادو
معدود للرجال يصبرو
ومعدودك يا لفرادي يغادرو
ياميمتي على مكتوبي
هذا شحال مجيناكم
راكم شرفا وعزاز علي
خليوني نزور احبابي
خاتمة:
برحيل أحمد ولد قدور يكون المغرب، والعلوة تحديدا، قد فقدا رمزا وذاكرة حية
لتراث لا يقدر بثمن ليس فنيا فحسب ولكن من منظور الشخصية الوطنية المهددة بالضياع
في ظل طوفان ثقافة التواصل الاجتماعي والسطحية والتعليب في كل شيء. وخير ما يفعل
أهل العلوة من أجل مستقبل ذاكرتهم أن ينهض مثقفوها لصيانة تراث العلوة فنيا
وثقافيا وفقهيا وجعله خبزا يوميا لأطفال هذا الجيل ومن سيأتون بعدهم.. لتظل الخصوصية
ممزوجة بالدم والعقل والروح ولا تضيع البصمة المحلية المتوارثة.